حق التنظيم وحرية تكوين الأحزاب والتجمعات السياسية واستقلالها
بقلم :د . مجدي قرقر*
في نوفمبر 1976 تحول النظام السياسي المصري من صيغة التنظيم السياسي الوحيد إلى صيغة التعددية الحزبية .. وخلال ثلاثين عاما من هذا التحول ثبت أن هذه الصيغة لا تتعدى أن تكون تعددية حزبية مقيدة أو أنها مازالت نظاما للحزب الواحد في قالب تعددي حيث مازالت هناك قيودا سياسية وقانونية يفرضها قانون الأحزاب ولجنة شئون الأحزاب على تكوين الأحزاب والجمعيات المهتمة بالسياسة كما أن هناك قيودا سياسية وقانونية على حرية حركة الأحزاب وعلى حرية الصحف الناطقة باسمها.
ولقد جاءت التعديلات الأخيرة – في نهاية الدورة البرلمانية السابقة 2000 / 2005 -على قانون الأحزاب وعلى قانون ممارسة الحقوق السياسية مخيبة للآمال وتزيد من القيود المفروضة على حق التنظيم وحرية تكوين الأحزاب والتجمعات السياسية واستقلالها.
-----------------------------------------------------------
وفي هذا الإطار تتعرض هذه الورقة للقضايا التالية :
1. حرية تكوين الأحزاب وفق الدستور المصري والشرعة الدولية.
2. القيود القانونية التي فرضها قانون الأحزاب – رقم 40 لسنة 1977 – على حرية تكوين الأحزاب وعلى صحافتها الحزبية واستقلالها.
3. تقييم التعديلات الأخيرة لقانون الأحزاب – وتأثيرها على حرية تكوين الأحزاب واستقلالها.
4. رصد لأهم الانتهاكات لحرية تكوين الأحزاب
5. رصد لأهم القيود الواقعة على حرية حركة الأحزاب وأنشطتها السياسية والضغوط التي تتعرض لها صحافتها الحزبية.
6. توصيات خاصة برفع القيود على حرية تكوين الأحزاب واستقلالية حركتها.
------------------------------------------------------------
1- حرية تكوين الأحزاب وفق الدستور المصري والشرعة الدولية.
يكفل الدستور والقانون المصري والمواثيق الدولية حق التنظيم وحرية تكوين الأحزاب والتجمعات السياسية واستقلالها :
أ - الدستور المصري :
حتى عام 1980 وقبل تعديل دستور 1971 كان الاتحاد الاشتراكي هو التنظيم السياسي الوحيد في مصر .. ثم عدلت المادة الخامسة من الدستور بناء على الاستفتاء الذي أجرى في مايو 1980 حيث أصبحت تنص على " يقوم النظام السياسي في جمهورية مصر العربية على أساس تعدد الأحزاب السياسية وذلك في إطار المقومات والمبادئ الأساسية للمجتمع المصري المنصوص عليها في الدستور" .
إضافة إلى المادة الخامسة تعد المادة 55 من الدستور بمثابة الأصل العام لحرية التنظيم في الدستور المصري والتي تنص على حرية تكوين الجمعيات بشكل أساسي وبشكل ضمني حرية تكوين الأحزاب وتنص على أن "للمواطنين حق تكوين الجمعيات على الوجه المبين في القانون ويحظر إنشاء جمعيات يكون نشاطها معاديا لنظام التجمع أو سري أو ذات طابع عسكري" .
ب - قانون الأحزاب السياسية. "
وقد نظم القانون رقم40 لسنة 1977 وتعديلاته نظام الأحزاب السياسية في مصر ، إذ تنص المادة الأولى منه على أن للمصريين حق تكوين الأحزاب السياسية ولكل مصري حق الانتماء لأي حزب سياسي وذلك طبقاً لأحكام هذا القانون .
وقد عرفت المادة الثانية من هذا القانون الحزب السياسي بأنه كل جماعة منظمة تؤسس طبقا لأحكام هذا القانون وتقوم على مبادئ وأهداف مشتركة وتعمل بالوسائل السياسية والديمقراطية لتحقيق برامج محددة تتعلق بالشئون السياسية والاقتصادية والاجتماعية للدولة وذلك عن طريق المشاركة في مسئوليات الحكم.
ج - الإعلان العالمي لحقوق الإنسان:
أشارت المادة (20) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على أن لكل شخص الحق في حرية الاشتراك في الجمعيات والجماعات السلمية ولا يجوز إرغام أحد على الانضمام إلى جمعية ما "
د - اتفاقيات الأمم المتحدة ( العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية) :
أكدت المادة (22) من العهد الدولي للحقوق المدنية الأساسية - والذي صدر عن الأمم المتحدة في 16 ديسمبر 1966 وبدأ تنفيذه في 23 مارس 1976 - على أن لكل فرد حق تكوين الجمعيات مع آخرين بما في ذلك حق إنشاء النقابات والانضمام إليها من اجل حماية مصالحه .
*****
2- القيود القانونية التي فرضها قانون الأحزاب – رقم 40 لسنة 1977 – على حرية تكوين الأحزاب وعلى صحافتها الحزبية واستقلالها.
حرية تكوين الأحزاب حق دستوري كما أوضحنا .. ولقد حرص المشرع الدستوري على تقرير الحقوق والحريات في صلب الدستور رغبة منه في تقييد سلطة المشرع العادي بحيث لا يستخدم القانون كوسيلة لحرمان المواطنين من الحقوق والحريات والمقررة لهم دستوريا .. ففي حين لم تحظر المادة 55 من الدستور تكوين الجمعيات وبالطبع الأحزاب إلا في ثلاث حالات وهي أن يكون نشاطها معاد لنظام التجمع أو ذات طابع سرى أو عسكري فإن الدستور لم يضع أي محاذير أخرى على تكوين الجمعيات والأحزاب ولكنه ترك تنظيم هذا الحق بشكل أكثر تفصيلا للقانون.
وجاء القانون 40 لسنه 1977 ليفرغ هذا الحق من محتواه بأن انتقص من الحق الذي أقره الدستور فبدلاً من أن يتحول النظام الأساسي في مصر هو التعددية الحزبية أصبح الأساس التعددية الوهمية أو الظاهرية ووضع القانون الكثير من الشروط والعراقيل في وجه كل حزب جديد كما أقر شروط بالغة الصعوبة ضمنها بالمادة الرابعة من القانون ونذكرها فيما يلي :
أولاً: - يشترط لتأسيس أو استمرار أي حزب سياسي عدم تعارض مقوماته أو أهدافه..مع:-
1- مبادئ الشريعة الإسلامية باعتبارها المصدر الرئيسي للتشريع.
2- مبادئ ثورتي 23 يوليو 1952، 15 مايو 1971.
3- الحفاظ على الوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي والنظام الاشتراكي الديمقراطي والمكاسب الاشتراكية.
ثانياً: - تميز برامج الحزب السياسي وسياساته و أساليبه في تحقيق هذا البرنامج تميز ظاهراً عن الأحزاب الأخرى.
ثالثا:- عدم قيام الحزب في مبادئه أو برامجه أو في مباشرة نشاطه أو اختيار قياداته أو أعضائه على أساس يتعارض مع أحكام القانون رقم 33 لسنه 1978 بشـأن حماية الجبهة الداخلية والسلام الاجتماعي أو على أساس طبقي أو طائفي أو فئوي أو جغرافي أو على أساس التفرقة بسبب الجنس أو الأصل أو الدين أو العقيدة.
رابعاً:- عدم قيام الحزب كفرع لحزب أو تنظيم سياسي في الخارج وعدم ارتباط الحزب أو تعاونه مع أي أحزاب أو تنظيمات أو جماعات أو قوى سياسية تقوم على معاداة أو مناهضة المبادئ أو القواعد أو الأحكام المنصوص عليها في البند التالي:
خامساً:- عدم انتماء أي من مؤسسي أو قيادات الحزب أو ارتباط الحزب أو تعاونه مع أية أحزاب أو تنظيمات أو جماعات أمور سياسية تقوم على معاداة أو مناهضة المبادئ أو القواعد أو الأحكام المنصوص عليها في البند التالي.
سادساً:- عدم انتماء أي من مؤسسي أو قيادات الحزب وارتباطه أو تعاونه مع أحزاب أو تنظيمات أو جماعات معادية أو مناهضة للمبادئ المنصوص عليها في البند أولاً من هذه إعادة أو في المادة 3 من هذا القانون أو في المادة الأولى من القانون رقم 33 لسنه 1978 المشار إليه أو المبادئ التي وافق عليها الشعب في الاستفتاء على معاهدة السلام وإعادة تنظيم الدولة بتاريخ 20 إبريل لسنه 1979.
سابعاً:- ألا يكون من بين مؤسسي الحزب أو قياداته من تقوم أدلة جديه على قيامه بالدعوة أو المشاركة في الدعوة أو التحبيذ أو الترويح بأي طريقة من طرق العلا نية أو الاتجاهات أو أعمال تتعارض مع المبادئ المنصوص عليها في البند السابق
ثامنا:- ألا يترتب على قيام الأحزاب إعادة تكوين أي حزب من الأحزاب التي خضعت للمرسوم رقم (27) لسنة 1953 بشأن حل الأحزاب السياسية
تاسعا:- علانية مبادئ وأهداف وبرامج ونظام وتنظيمات وسياسات ووسائل وأساليب مباشرة نشاط الحزب وعلا نيته وتشكيلاته وقياداته وعضويته ووسائل ومصادر تمويله وسوف نتعرض لبعض الشروط كلا على حدي كالآتي
وتعلق الأستاذة مها يوسف المحامية
بند أولاً الفقرة (1) : وهى معدلة بالقانون رقم144لسنة1980 والتي تنص على "عدم تعارض مبادئ الحزب أو أهدافه أو برامجه مع مبادئ الشريعة الإسلامية باعتبارها مصدرا رئيسيا للتشريع " وقد جاء تعديل هذه المادة إعمالا للتعديل الدستوري للمادة الثانية من الدستور والتي تنص على "الإسلام دين الدولة واللغة العربية لغتها الرسمية ومبادئ الشريعة الإسلامية باعتبارها مصدر للتشريع" والشريعة الإسلامية هي مصدر التشريع المصري كما نص الدستور في مادته سابقه الذكر
بند أولاً الفقرة (2) : تشترط عدم تعارض مقومات الحزب أو مبادئه أو أهدافه أو برامجه أو سياساته أو أساليبه في ممارسة نشاطه مع مبادئ ثورتي يوليه لسنه 1952 و 15 مايو 1971" وهذا القيد يحد إلى مدى بعيد من حريتي الفكر والرأي و............ وهذا ينتج عنه وضع مصر في حالة جمود مع إيقاف الزمن فالواقع السياسي يتغير من وقت لأخر وما كان يوافق مصر عام 1952 لا يوافقها الآن وبذلك يكون هذا النص قد أثبت فشله بوقوفه في وجه التغير والتطوير والزمن وإذا ما رجعنا مبادئ ثورة 23 يوليو1952 أو 15مايو 1971 نجد كثير من التحولات والتطور قد طرأ على الفكر المصري السياسة المصرية فمثلاً قد تحولت مصر من الحزب الواحد المنصوص عليه في مبادئ الثورتين إلى التعددية الحزبية وتحاول مصر الآن التحول من النظام الاقتصادي الموجه إلى النظام الاقتصادي الليبرالي أي أن مبادئ الثورتين تتغير فهل يتصور أن يظل هناك نص يحرم أحد الأحزاب من الوجود لمجرد أنه لا يتفق مع مبادئ الثورة؟ وهذا غير أن أي ثورة تقوم على المطالبة بالتغير لنظام الحكم السائد أو حتى تصحيح بعض ممارساته والأوضاع المتواجدة داخل البلاد وأن هذه الأفكار الثورية التي أتى بها الثوار ما هي في النهاية إلا أفكار بشرية ناتجة عن مجموعة من الأفراد تخضع لقاعدة الصواب والخطأ تبعاً لما يرتئيه المخاطبون بها ومن ثم فإنه يعد قابلاً للتعديل والتغير بما يناسب حاجات مجموعة الأفراد المعتبرين التي تختلف من وقت لأخر وهذا القيد يضرب نوع من القداسة على تجارب بشرية يعتريها الطابع البشري من صواب وخطأ
البند أولاً الفقرة 3: - "الحفاظ على الوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي والنظام الاشتراكي الديمقراطي والمكاسب الاشتراكية" والملاحظ أن السلطة استخدمت هذه التعبيرات الفضفاضة في اتهام خصومها ونشاطهم المعارض أو الاحتجاجي بأنه يمثل "تهديدا" للوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي. فليس ثمة تعريف أورده القانون للمقصود بتلك العبارات مما يفتح الباب على مصراعيه للتأويل التحكمى لمعانيها وإدراج أي نشاط معارض لا ترضي عنه السلطة تحت طائلة القانون
والجزء الثالث من هذه الفقرة هو الحفاظ على النظام الاشتراكي والمكاسب الاشتراكية في حين أن السلطة نفسها أقدمت على تطبيق سياسات اقتصادية وإصدار تشريعات تمس بعمق ما يسمي (المكاسب الاشتراكية) مثل تشريعات العمل وسياسة الانفتاح وبيع القطاع العام.. الخ فما معنى إلزام المعارضة بما لم تلتزم به السلطة؟! أو ليس اسم الحزب الحاكم نفسه (الوطني الديمقراطي) يمكن أن يعد تخليا عن التمسك بالنظام "الاشتراكي".
بند ثانياً: "تميز برامج الحزب وسياساته أو أساليبه في تحقيق هذا البرنامج تميزا ظاهرا عن الأحزاب الأخرى"
هذه المادة مستبدلة بقرار بقانون رقم 36 لسنه 1979، وهذا القيد تعسفي ولا سند له في المنطق القانوني. فمجرد التشابه في البرامج لا يبرر رفض إنشاء حزب لأن العبرة ليس في البرامج فقط إذ يمكن لأي جماعة تدبيج برنامج يكسبهم تأييد جماهيري دون أن يكون لديهم النية في الالتزام به فعلا، أو قد تكون جماعه أكثر جديه أو المصداقية – ناهيك أن هذا البند يضع شروط مستقبلية لقبول بتأسيس حزب، وهو شرط "أساليب تحقيق" البرنامج فتلك مسألة تتعلق بالمستقبل ولا تظهر عملا إلا بعد إنشاء الحزب ومن ثم لا يمكن تقييد فعل راهن – إنشاء الحزب – بشرط مستقبلي
وقد قررت المحكمة الإدارية العليا إحالة الطعن في دستورية هذا الشرط إلى المحكمة الدستورية العليا في 4 مايو 1985 بعد أن تراءى لها عدم دستوريته غير أن المحكمة الدستورية قضت في جلستها بتاريخ 7 مايو 1988 بدستورية هذا الشرط استنادا إلى أن قانون الأحزاب السياسية لم يشترط أن يقع التميز الظاهر في مبادئ وأهداف الحزب كشرط لتأسيسه أو استمرار .. "بل جاء الشرط مقصوراً على برنامج الحزب وسياساته وأساليبه التي يسعى بها لتحقيق مبادئه وأهدافه ضماناً للجدية وحتى يكون للحزب قاعدة جماهيرية حقيقة تسانده وأن يكون في وجود الحزب إضافة جديدة للعمل السياسي ببرامج وسياسات متميزة عن الأحزاب الأخرى إثراء للعمل الوطني ودعما للممارسة الديمقراطية تبعاً لاختلاف البرامج والاتجاهات المتعلقة بالشئون السياسية والاقتصادية والاجتماعية وتوسعه لنطاق المفاضلة بينها واختبار أصلح الحلول وأنسبها" وقد أوضحت المحكمة في أخر الحكم أن النص على هذا البند في قانون الأحزاب السياسية التي صدر القانون منظماً لها دون أن يميز في مجال تطبيقه بين حزب وأخر الأمر الذي يتحقق به مبدأ تكافؤ الفرص ومبدأ المساواة لدى القانون اللذان قررهما الدستور في المادتين 40، 8 منه غير أن هذا الحكم يظل قاصرا عن معالجة المشكلات العملية التي يثيرها تطبيق هذا الشرط فقد أسندت لجنة شئون الأحزاب على دستورية هذا الشرط وبالغت في رفض أغلب الطلبات التي قدمت لها فقررت اللجنة رفض قيام حزب الخضر المصري والحزب الاتحادي الديمقراطي وحزب مصر الفتاة الجديد بحجة هذا البند أي بحجة عدم تميز برنامج الحزب وسياساته تميزاً ظاهراً وقد حاولت المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الأولى وهى الدائرة المختصة وفقاً للمادة 8 من هذا القانون أن أخفق من حدة استخدام لجنة شئون الأحزاب لهذا الشرط فوضعت بعض القيود على لجنة شئون الأحزاب مثل أن يكون تشابه بين الأحزاب في الأمور التي حددها الدستور والأخذ بالتفسير الواسع لتميز برنامج الحزب ولكن هذا لم يوقف اللجنة عن حرمان بعض المجموعات السياسية من حقها في تكوين حزبها وهذا الشرط قادر على جعل مبدأ التعددية الحزبية مبدأ وهمي.
بند ثالثاً: "عدم قيام الحزب في مبادئه أو برامجه أو في مباشرة نشاطه أو اختيار قياداته أو أعضائه على أساس يتعارض مع أحكام القانون رقم 33 لسنه 1978 بشأن حماية الجبهة الداخلية والسلام الاجتماعي أو على أساس طبقي أو طائفي أو فئوي أو جغرافي أو على أساس التفرقة بسبب الجنس أو الأصل أو الدين أو العقيدة"
ويمكن تقسيم الشروط الموجودة في هذه المادة إلى :
• عدم قيام الحزب في مبادئه أو برامجه أو في مباشرة نشاطه أو في اختيار قياداته أو أعضائه على أساس يتعارض مع أحكام القانون رقم 33 لسنه 1978 بشأن حماية الجبهة الداخلية والسلام الاجتماعي.
وقد أضيفت هذه الفقرة بموجب القانون 36 لسنه 1979 ضمن العديد من الإجراءات التشريعية التي أريد بها الحد من شدة المعارضة السياسية ومن بينها القانون المعروف باسم "حماية الجبهة الداخلية والسلام الاجتماعي ولعل هذا القانون أو القيد يعد أبعد القيود عن الدستورية فلقد تم استفتاء شعبي على مبادئ ستة تضمنها القرار الجمهوري رقم 214 لسنه 1978 وبموافقة الشعب عليه صدر تطبيقاً لذلك القانون رقم 33 لسنه 1978 المعروف باسم حماية الجبهة الداخلية والسلام الاجتماعي وقد تضمن هذا القانون في مادته الأولى بيان الأفعال التي يحظرها ثم تضمن في باقي نصوصه أحكام "العزل السياسي" التي أرادها على الأشخاص الذين لا يجوز لهم الاشتراك في الحياة السياسية والعامة .. وفى الواقع فإن المشرع في البند الثالث قد توسع بإسناد حرية تكوين الأحزاب على قانون حماية الجبهة الداخلية والسلام الاجتماعي وقد ألغى هذا القانون بناء على القانون رقم 221 لسنه 1994 وجاءت المادة الرابعة منه وأقرت بأن تلغى الإحالة إليه أينما وردت في القانون رقم 40 لسنه 1977 الخاص بنظام الأحزاب السياسية أو في أي قانون أخر وقد كان هذا القانون سيئ السمعة فقد أطلق عليه (قانون العزل السياسي) وقد أستمر العمل به من 1978 إلى 1994 أي على مدار ستة عشر عاماً
• عدم قيام الحزب في مبادئه على أساس طبقي أو طائفي أو فئوي أو جغرافي أو على أساس التفرقة بسبب الجنس أو الأصل أو الدين أو العقيدة.
أن هذا الشرط يحتوى على أكثر من مشكلة فيلاحظ أن القانون يمنع قيام الحزب في مبادئه أو برامجه أو في نشاطه أو اختيار قيادته أو أعضائه على أساس طبقي وهو ما يعنى عدم قانونية قيام حزب عمالي وأيضا يحظر القانون قيام الأحزاب على أساس التفرقة بسبب الدين أو العقيدة فإن هذا النص إن كان واضعة قد أراد فيما بعد وضع قيام حزب إسلامي إلا أن تفسير النص لا يؤدى بالضرورة إلى هذا المعنى فهو لا يمنع في تقديرنا من قيام حزب إسلامي عضويته مفتوحة لكل من يؤمن بمبادئه السياسية وبرامجه وذلك من ناحية لأن الإسلام لا يقيم تفرقة بين المواطنين وإنما يقيم المساواة بمفهوم إسلامي ومن ناحية أخرى لأن الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع بنص الدستور فليس ثمة ما يمنع من قيام حزب مراده الأساس هو تطبيق الشريعة الإسلامية ونؤكد على أنه لابد أن يكون برنامجه وأساليب تحقق شرط أن يكون مفتوحاً لكل من يقبل هذا البرنامج دون تفرقة بسبب الدين وهذا بالطبع له من التأثير السيئ على عزل بعض الجماعات السياسية مما يجعلها تلجأ للعمل السري مما يؤدى إلى التطرف.
بند سادساً: "وعدم انتماء أي من مؤسسي أو قيادات الحزب أو ارتباطه أو تعاونه مع أحزاب أو تنظيمات أو جماعات معادية أو مناهضة للمبادئ المنصوص عليها في البند الأول من هذه المادة أو من المادة 3 من هذا القانون أو في المادة الأولى من القانون رقم 33 لسنه 1978 المشار إليه) وللمبادئ التي وافق عليها الشعب في الاستفتاء على معاهدة السلام وإعادة تنظيم الدولة بتاريخ 20 إبريل سنة 1979"
ويمكن تقسيم هذه المادة إلى :
• المبادئ التي سبق ورودها في البند أولاً من المادة الرابعة وهو المتعلق باشتراط الشريعة الإسلامية ومبادئ ثورتي 23 يوليو سنة 1952 و 15 مايو سنة 1971 والحفاظ على الوحدة الوطنية والمكاسب الاشتراكية والسلام الاجتماعي.
• القيد الثاني المتعلق بالمادة الأولى من القانون رقم 33 لسنه 1978 وهو القانون الخاص بحماية الجبهة الداخلية والسلام الاجتماعي وقد ألغي هذا القيد بإلغاء ذلك القانون بالقانون رقم 221 لسنه 1994
• القيد الثالث المتعلق باتفاقية السلام والتي استفتى عليها الشعب وقد كان ذلك الشرط من أوضح القيود المتعلقة بحرية الرأي والتعبير وهو ما لم يرد النص عليه في دولة الطرف الأخر من هذه المعاهدة وهي إسرائيل وأشار البعض أن المواطن الذي يعرف عنه رفضه لمعاهدة السلام لا لكراهيته لمبدأ السلام مثلا وإنما لاعتقاده أن مصر قد أعطت أكثر مما أخذت فيكون هنا المواطن طبقا لهذه البنود لا يستطيع أن يكون من مؤسسي أو من قيادات أي حزب سياسي يريد أن ينشأ في مصر والعكس بالطبع ليس صحيحا فرئيس وزراء إسرائيل الأسبق إسحاق شامير قد صوت ضد اتفاقية كامب ديفيد وقد كان في وقتها رئيس الكنيست الإسرائيلي ورفضه هنا لم يحرمه من أن يتولى مناصب كبيرة في الحكومة فهذه الشروط ترهن المستقبل لصالح الماضي وهو ما يخالف تماماً فكرة التعددية الحزبية
بند سابعاً: "ألا يكون بين مؤسسي الحزب أو قياداته من تقوم أدلة جدية على قيامة بالدعوة أو المشاركة في الدعوة أو التحبيذ أو الترويج بأي طريقة من طرق العلانية لمبادئ أو اتجاهات أو أعمال تتعارض مع المبادئ المنصوص عليها في البند السابق"
وقد تعرضت المحكمة الدستورية العليا لهذا البند في القضية رقم 44 لسنه 7 ق – د) بجلسة 7/5/1988 كالتالي لا مؤدى النص في البند سابعاً من المادة 4 من القانون رقم 40 لسنه 1977 الخاص بنظام الأحزاب السياسية فيما يتضمنه من اشتراط ألا يكون بين مؤسسي الحزب أو قياداته من تقوم أدلة جدية على قيامة بالدعوة أو المشاركة في الدعوة أو التحبيذ أو الترويج بأية طريق من طرق العلانية لمبادئ أو اتجاهات أو أعمال تتعارض مع معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل التي وافق عليها الشعب في استفتاء بتاريخ 20/4/1979 هو حرمان فئة من المواطنين من حقهم في تكوين الأحزاب السياسية حرماناً أبدياً وهو حق كفله الدستور حسبما يدل عليه لزوما نص المادة 5 منه وقد رتب النص المطعون عليه في شق منه هذا الحرمان على اخذ هؤلاء الأشخاص بآرائهم التي تتعارض مع معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل فإن هذا النص يكون قد انطوى على إخلال بحريتهم في التعبير عن الرأي وحرمانهم حرمانا مطلقا ومؤبداً من حق تكوين الأحزاب السياسية بما يؤدى إلى مصادرة هذا الحق تكوين الأحزاب السياسية وإهداره ويشكل بالتالي مخالفة المادتين، 47 من الدستور"
وقد استندت المحكمة الدستورية العليا في حكمها بعدم دستورية هذا الشرط إلى الأسباب التالية:
1-أن حرية الرأي ضرورة لازمة لمباشرة الحقوق السياسية وفى مقدمتها حق تكوين الأحزاب والانضمام إليها وحق الانتخاب والترشيح وإبداء الرأي في الاستفتاء
2-أن حرية الرأي تعد من الدعامات الأساسية التي تقوم عليها النظم الديمقراطية الحرة ومن ثم فقد حرصت الدساتير المصرية على تأكيدها وقد شمل الدستور حرية الآراء السياسية برعايتة من خلال الضمانات التي قررها بشأن حرية الصحافة واستقلالها في أداء رسالتها وحظر الرقابة عليها أو إنذارها أو وقفها أو إلغائها بالطريق الإداري
3-إذا كانت قواعد القانون الدولي العام تملي على الدول احترام التزاماتها بموجب المعاهدات الدولية التي تصدق عليها فإن ذلك لا يضفي على المعاهدة حصانة تمنع المواطنين من مناقشتها ونقدها ولا يجوز أن يكون استعمال المواطن لحرية عامة كفلها الدستور كحق إبداء الرأي في استفتاء سببا في حرمانه من حق أو حرية عامة أخرى قررها.
أ - تشكيل لجنة شئون الأحزاب واختصاصاتها:
لم يكتف القانون 40 لسنة 1977 بالقيود التي وضعها على تكوين الأحزاب ولكنه جعل الأحزاب تحت الوصاية الإدارية للجنة شئون الأحزاب وهي لجنة حكومية في تشكيلها مما يجعل جميع الأحزاب المعارضة تحت وصاية الحزب الحاكم الذي يشكل الحكومة ولجنة الأحزاب بالتالي :
طبقا للمادة الثامنة من قانون الأحزاب عام 1977 وطبقا للقانون رقم36 لسنه 1979 والقانون رقم 144 لسنه1980 بتشكيل لجنة لشئون الأحزاب على النحو التالي: رئيس مجلس الشورى - وزير العدل - وزير الدولة لشئون مجلسي الشعب والشورى - وزير الداخلية - ثلاثة من غير المنتمين إلى أي حزب سياسي من بين رؤساء الهيئات القضائية السابقين أو نوابهم ويصدر قرار باختيارهم من قبل رئيس الجمهورية.
ولصحة اجتماعات اللجنة يجب حضور الوزراء الثلاثة وبذلك يكون وجودهم حتمياً لصحة ما يصدر من قرارات عن اللجنة وبالتالي فإن ما يصدر من قرارات لابد وأن يتفق ورغبة الحكومة وآرائها في هذه الأحزاب المراد إنشائها لأن اللجنة طابعها الأصلي طابع حكومي مهيمن وهدام كفله القانون فاللجنة تضم رئيس مجلس الشورى وثلاثة من الوزراء وجميعهم أعضاء بالحزب الحاكم .. ولم يكن على سبيل المصادفة أن وزير الدولة لشئون الشعب والشورى – الأستاذ كمال الشاذلي قبل خروجه من التشكيل الوزاري في ديسمبر 2005 – قد جمع بين عضوية اللجنة ومنصبة كأمين للتنظيم في الحزب الوطني الحاكم إلى جانب ثلاث أعضاء آخرين يختارهم رئيس الجمهورية الذي يرأس في نفس الوقت الحزب الحاكم.
وقد أعطى المشرع الكثير من الحقوق للجنة شئون الأحزاب فأعطاها شكل يشبه محاكم التفتيش فاللجنة في سبيل مباشرة اختصاصها بفحص ودراسة طلبات التأسيس لها أن تطلب المستندات والأوراق والبيانات والإيضاحات التي ترى لزومها من ذوى الشأن في المواعيد التي تحددها لذلك ولها أن تطلب أية مستندات أو أوراق وبيانات أو معلومات من أية جهة رسمية أو عامة وأن تجرى ما تراه من بحوث بنفسها أو عن طريق لجنة فرعية منها وأن تكلف من تراه من الجهات الرسمية بإجراء أي تحقيق أو بحث أو بدراسة لازمة للتوصل إلى الحقيقة وتقوم اللجنة بإبلاغ كل من مجلس الشعب ومجلس الشورى والمدعى الاشتراكي بأسماء المؤسسين ويتولى كل من رئيس المجلسين بإعلان تلك الأسماء في أماكن ظاهرة في كل من المجلسين لمدة شهر وكما يتولى المدعى الاشتراكي نشرها في ثلاث جرائد "قومية" صباحية يومية ثلاث مرات كل أسبوع ليتقدم كل من يرد الاعتراض على أي من تلك الأسماء إلى رئيس لجنة شئون الأحزاب باعتراضه مؤيداً بما لديه من مستندات (المادة من ذوى الشأن أو من الغير وإجراء تحقيق بل ونشر أسماء في لوحات الإعلانات في المجلسين والدعوة لتقديم اعتراضات التي توجه اتهامات لتعرض على جهة غير قضائية ولا يعد ضمانة في هذا الشأن القول بأن الاعتراض يكون مؤيداً بالمستندات فالمشرع لم يتطلب بالضرورة أن يقدم المعترض مستندات وإنما يطالبه بتقديم ما عنده من مستندات وقد لا يكون لديه شيء وبهذا يكون هذا النص لا يتفق مع حقوق الإنسان
ب- طرق الطعن على قرارات لجنة شئون الأحزاب :
حيث أن لجنة شئون الأحزاب لجنة إدارية فإن جهة الاختصاص الأصيلة في الطعن على قراراتها هي محكمة القضاء الإداري وذلك منصوص عليه في المادة الثامنة من قانون الأحزاب رقم 40 لسنه 1977 ولكن صدر قرار بقانون رقم36 لسنة 1979 فغير هذا الأصل فأصبحت جهة الاختصاص هي الدائرة الأولى للمحكمة الإدارية العليا التي يرأسها رئيس مجلس الدولة والتي تقرر لها تشكيلاً استثنائيا بأن ينضم إلى تشكيل المحكمة عدد مماثل من أعضاء مجلس الشعب يختارهم المجلس في بداية كل دورة من بين أعضائه ووفقاً لقواعد يضعها المجلس .. وعندما انتقد هذا الوضع تم تعديل ذلك بالقانون رقم 30 لسنه 1981 والذي وضع عدد من الشخصيات العامة بدلا من أعضاء مجلس الشعب ويصدر باختيارهم قرار من وزير العدل بعد موافقة المجلس الأعلى للهيئات القضائية من الكشوف الخاصة بالشخصيات العامة المنظمة وفقا لحكم المادة 28 من القانون رقم 95 لسنه1980 بشأن حماية القيم من العيب ولكن هذا التعديل لم يضع حد لأي من الانتقادات إلا الخاص بالفصل بين السلطات وبهذا إخلال بحق الأحزاب في التقاضي الطبيعي أمام هيئة قضائية وبما يمكنها من التقاضي على درجتين فقد وضع القانون قرارات هذه الدائرة الاستثنائية موضع النهاية ولا يجوز استئناف قراراتها أو الاعتراض عليها.
ج - الشروط الشكلية لتكوين الأحزاب:
ينص قانون الأحزاب رقم 40 لسنة 1977 وفى المادة السابعة المعدلة بموجب القانون 144 لسنة 1980 على أن "يجب تقديم إخطار كتابي إلى رئيس لجنة شئون الأحزاب السياسية المنصوص عليها في المادة عن تأسيس الحزب موقعاً عليه من خمسين عضو من أعضائه المؤسسين ومصدقا رسميا على توقيعاتها على أن يكون تصفهم على الأقل من العمال والفلاحين وترفق بهذا الأخطار جميع المستندات المتعلقة بالحزب خاصة نظامه الداخلي وأسماء أعضائه المودعة به واسم من ينوب عن الحزب في إجراءات تأسيسه
ويعرض الإخطار عن تأسيس الحزب على اللجنة المشار إليها في الفقرة السابقة خلال خمسة عشر يوما من تاريخ تقديم هذا الأخطار".
فبذلك يكون المشرع قد رهن تمتع الحزب بالشخصية الاعتبارية على قرار لجنة شئون الأحزاب.
وقد قرر القانون 40 لسنة 1977 بعد تعديله بموجب القانون رقم 36 لسنة 1976 على أن الحزب لا يتمتع بالشخصية الاعتبارية إلا بعد موافقة لجنة شئون الأحزاب ونشر قرارها في الجريدة الرسمية أو صدورها من المحكمة الإدارية العليا بإلغاء القرار الصادر من اللجنة بالاعتراض على تأسيس الحزب وقرر القانون انه لا يجوز لمؤسس الحزب ممارسة أي نشاط حزب أو أجراء أي تصرف باسم الحزب إلا في الحدود اللازمة لتأسيسه.
وبعد كل هذا يسمي المشرع نظام تكوين الأحزاب في مصر بنظام الإخطار وقد غير معنى الكلمة حتى أضفى عليها معنى كلمة ترخيص فالقانون يشترط شروط شديدة الوطأة لتطويق الأحزاب وقد ذكرناها سبقاً وهى فضفاضة وغير دقيقة مما يترك للجهة المختصة "لجنة شئون الأحزاب" سلطة التحقق منها وتقديرها ومن ناحية أخرى فان القانون لا يجيز لمؤسس الحزب مزاولة النشاط الحزبي بمجرد مضى المدة المقررة فيه كما يقضى نظام الإخطار وإنما اعتبر مرور المدة وهى أربعه أشهر دون صدور قرار من اللجنة بمثابة اعتراض وهذا بناء على المادة الثامنة من قانون الأحزاب رقم 40 لسنة 1977 وبذلك يكون المشرع قد أرجع حرية تكوين الأحزاب إلى نظام الترخيص المسمى بالإخطار وهذا لا يتفق مع النظام الديمقراطي ولا يتفق أيضا مع مبادئ التعددية الحزبية وحرية تأسيس الأحزاب يقتضى بالدرجة الأولى أن تنشأ الأحزاب السياسية دون حاجة إلى الحصول على ترخيص أو إذن مسبق من أي جهة إدارية.
ونأتي إلى شرط من أهم الشروط الشكلية غير المبررة وهو القيد المتعلق بأن يكون 50% من الأعضاء المؤسسين للحزب من العمال والفلاحين.
تخصيص نسبة 50% من مقاعد التنظميات السياسية الشعبية فكرة أتى بها ميثاق العمل الوطني .. ونزولا على ذلك تقرر لأول مرة بموجب دستور 1964 أن يكون نصف أعضاء مجلس الشعب على الأقل من الأعمال والفلاحين كما ورد نفس الحكم في دستور 1971 في المادة (5) قبل تعديلها وكذلك في المادتين 7، 8 التي اشترط أن يكون نصف أعضاء مجلس الشعب من العمال والفلاحين والمادة 196 التي وضعت نفس الشرط يتعلق بمجلس الشورى.
وإذا كانت الفكرة التي يستند لها هذا الشرط "فكرة تحالف قوى الشعب العاملة" وهى فكرة معروفة في الأنظمة الاشتراكية فان شرط الـ (50% عمال وفلاحين) في حد ذاتها فكرة مصرية خالصة تنفرد لها مصر دون سائر دول العالم حتى الدول الاشتراكية لم يتضمن دستورها مثل هذا النص الذي يثير الكثير من التحفظات على أسباب تقريره والتي وجدت لها صدى في إثناء المناقشات البرلمانية المتعلقة بقانون الأحزاب .. وذلك أن الدستور اشترط هذه النسبية في المجالس النيابية فحسب .. والمجالس المنتخبة في التنظميات الشعبية أو السياسية والحزبية ليست من هذه الهيئات بل هي عقيدة تجمع بين لفيف من الناس لنشر فكرة على المجتمع كله .. إن هذا الشرط يتعارض مع مبدأ المساواة بين المواطنين في الحقوق والواجبات
د - قيود على نشاط واستقلال الأحزاب:
لم يكتف القانون 40 لسنة 1977 بالقيود التي وضعها على تكوين الأحزاب والتي تجعل من الأمر في غاية الصعوبة بل وضع قيوداً ثقيلة على نشاط الأحزاب أيضاً بما يمكن أن تعتبر الأحزاب تحت الوصاية الإدارية أو السياسية طبقا لما يلي :
د-1- حل الحزب :
صدر القانون 40 لسنة 1977 متضمناً نص المادة 17 التي تعطى للجنة الأحزاب الحق في طلب حل الحزب حكمها كالتالي:
"يجوز لأمين اللجنة المركزية بعد موافقة اللجنة المنصوص عليها في المادة (8) أن يطلب من محكمة القضاء الإداري حل الحزب وتصفية أمواله وتحديد الجهة التي تؤول إليها هذه الأموال وذلك لأحد الأسباب الآتية:
أولاً: فقد شرط من شروط التأسيس المنصوص عليها في المادة (4).
ثانياً: صدور حكم نهائي بأداته قيادات الحزب كلها أو بعضها في جريمة من الجرائم المخلة بالوحدة الوطنية أو تحالف قوى الشعب العاملة أو السلام الاجتماعي أو بالنظم الاشتراكي الديمقراطي وذلك إذا كانت الجريمة قد وقعت بسبب أو بمناسبة مباشرة هذه القيادات لنشاط الحزب أو تصرفاته.
كما يجوز لأمين اللجنة المركزية بعد موافقة اللجنة المركزية أن يطلب من تلك المحكمة بصفة مستعجلة وقف نشاط الحزب أو أي قرار من قراراته لأحد الأسباب المشار إليها وذلك إلى حين الفصل في طلب حل الحزب.
وتعلن عريضة الطلب في أي من الحالات السابقة شاملاً الأسباب التي تستند عليها إلى رئيس الحزب خلال أربع وعشرين ساعة من تاريخ إيداعها سكرتارية المحكمة ويجب على المحكمة أن تفصل خلال خمسة عشر يوماً في طلب وقف نشاط الحزب أو أحد قراراته.
(وعلى المحكمة أن تفصل في طلب حل الحزب وعلى وجه السرعة)
وبذلك يكون القرار للجنة شئون الأحزاب السياسية في مصر، فإما أن تطلب حل الأحزاب من المحكمة المختصة وهي المحكمة الإدارية العليا؛ دائرة الأحزاب السياسية؛ وبنفس التشكيل السابق الذي تناولناه في نقد المادة 8 من القانون. مما يجعل قرار حل أي حزب في يد محكمة ليس لها الطابع القضائي الكامل لأنها تحتوي على عناصر غير قضائية في تشكيلها.
وترجعنا هذه المادة إلى ما سبق أن ذكرناه في شروط تكوين الأحزاب لأنها توقف الحل على أن يتخلف أي شرط من شروط تأسيس الحزب بعد أن أصبح له كيان وشخصية قانونية وبهذا يكون هناك نقد موجه إلى هذه المادة على أساس أن عبارتها مطاطة وإنشائية والقيود غير موضوعية وغير واضحة .
وإذا تعرضنا للسبب الثاني الذي نصت عليه المادة سابقة الذكر وهو أن يصدر حكم بإدانة قيادات الحزب بجرائم مخلة بالوحدة الوطنية أو تحالف قوى الشعب العاملة أو السلام الاجتماعي أو النظام الاشتراكي وقد آثار هذا النص حفيظة الكثيرين فقد طرح العقوبات وماذا يقصد بكل واحدة من هذه الجرائم وقد تسائل أعضاء مجلس الشعب نفس التساؤلات عند مناقشة القانون فتصدى للرد وكيل مجلس الشعب آنذاك مستعرضاً مضمون تلك الجرائم مؤكداً أنها تحولت إلى نصوص قائمة بالفعل في القانون المصري ومقرر لها عقوبات وارده في قانون العقوبات وتسائل البعض عما إذا كان يوجد في قانون العقوبات جرائم تسمى بجريمة الإخلال بالوحدة الوطنية أو غيرها من الجرائم المنصوص عليها في هذه المادة فأجاب أننا لا نبتدع الجرائم وقانون العقوبات به جرائم محددة ينطبق عليها وصف الجرائم السابقة على أن الأمثلة التي أوردها تأكيداً لأن هذه الجرائم منصوص عليها في القوانين المصرية ومقرر لها عقوبات بمقتضى أحكام قانون العقوبات لا يمنع أن صياغتها جاءت ركيكة وإن الغموض يحيط بأركانها ومما يزيد الأمر خطورة إن هذه الجرائم إذا تسببت إلى بعض قيادات الحزب أو أعضائه فإن هذا يكفي لحل الحزب أو وقف نشاطه كاملاً أو سحقه أو بعض قراراته.
د-2- وقف نشاط الحزب أو صحيفته أو بعض قراراته:
تنص المادة 17 من قانون الأحزاب السياسية 40 لسنة 1977 أن للمدعى الاشتراكي أن يجرى تحقيقاً يقرر على آثره أن الحزب أو بعض قيادته أو أعضائه قد خرج على المبادئ المنصوص عليها في المادتين 3، 4 من القانون وحينئذ يكون للجنة شئون الأحزاب أن توقف إصدار صحف الحزب أو نشاطه أو أي تصرف أو قرار من قراراته وبهذا يكون المشرع قد ارجع شروط وقف الحزب على الشروط تكوين الحزب وترك الأمر أيضاً في يد لجنة شئون الأحزاب فينطبق على هذه المادة نفس الانتقادات التي وجهت إلى شروط التكوين من قبل ولكن المشرع أضاف إلى ذلك أن خروج أحداً وبعض